والوعيد قد جاء لمن يكذب في المنام، الذي يقول: رأيت كذا، وهو لم ير، بعض الناس يكذبون في المنام، وبعضهم يكذب لأغراض دنيوية، ربما يأتي ويقول: رأيت كذا، لكي تعطيه شيئاً، أو يتقرب منك، ونحو ذلك، وهذا حرام، لو قال بعض الناس: نستخدمه في الدعوة إلى الله، أو لكي نقنع شخصاً عاصياً ونحذره، نخترع له رؤيا نقول: رأيناك في قبر أو رأيناك في سواد، أو رأيناك تضرب، أو رأينا حولك ثعباناً وغير ذلك.

فنقول: لا يجوز، فالغاية لا تبرر الوسيلة، لا بد أن تكون الغاية شرعية والوسيلة شرعية، إذا أردنا أن ندعو إلى الله عز وجل، لا بد أن تكون الوسائل شرعية، أما أن نكذب في المنام لكي نهدي الناس، فهذا أسلوب خاطئ ولا يمكن القبول به، والحديث يقول: (من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل) والحديث رواه البخاري وفي حديث آخر (من أفرى الفرى أن يري الرجل عينه ما لم تر) إدعاء وكذب، وما معنى يعقد بين شعيرتين،يعني: يفتل إحداهما بالأخرى، وهذا حيث أنه محال فالتكليف فيه نوع من التعذيب، مثل المصورين يكلفون يوم القيامة أن ينفخوا الروح في كل صورة صوروها، فإذا قام أحدهم بعمل تمثالاً من ذوات الأرواح، أو صور صورة من ذوات الأرواح ليست للضرورة ولا للحاجة، وإنما للزينة ولكسب المال، فما هو عذابه يوم القيامة؟

يكلف أن ينفخ فيها الروح، يقال: (أحيوا ما خلقتم) كما جاء في الحديث الصحيح، كيف يحيي ما خلق والروح لا يملكها إلا الله عز وجل، وهي من شأنه سبحانه وتعالى؟

فيقال لهم: (أحيوا ما خلقتم) فيكلفون بالمحال وهذا نوع من التعذيب، وكذلك هنا، ولعل هناك ارتباطاً بين هذا وهذا، فالرؤيا خلق من الله، وهي صورة معنوية فما بالك إذا كان المصور يصور صورة حسية، وهذا الذي يتكلف رؤيا ما رآها، إذاً يختلق صورة معنوية لم تقع، إذاً هناك مناسبة بين تعذيب المصور وتعذيب الكذاب في المنام، فيه تشابه لهذه المناسبة، كلاهما يعذب بالتكليف بالمحال، هذا يقال له: (أحيوا ما خلقتم) والآخر يقال له: (اعقد بين شعيرتين) وهيهات الإنسان يعقد بين شعيرتين، وربما تجر الرؤيا الكاذبة على الإنسان مصيبة لم تكن في الحسبان بسبب كذبه في المنام، فقد جاء أن رجلاً قص على ابن سيرين رحمه الله فقال: رأيت كأن بيدي قدحاً من زجاج فيه ماء، فانكسر القدح وبقي الماء، فقال: اتق الله فإنك لم تر شيئاً، يعني أنه اكتشف كذبه، فقال: سبحان الله كيف تكذبني؟ هذا كلامي، قال ابن سيرين : فمن كذب فما عليّ ستلد امرأتك وتموت ويبقى ولدها، فلما خرج الرجل، قال: والله ما رأيت شيئاً، فما لبث إلا أن ولد له وماتت امرأته، فينبغي على المؤمن أن يحذر أشد الحذر في مسألة الكذب في المنام، وكذلك الكذب في التأويل؛ لأن بعض الناس يؤولون الرؤى بغير علم، وهذا حرام، وتأويل الرؤى بغير علم مثل الفتوى بغير علم، وهي باب واحد، يأتي بعض الناس يفسر بالظن يقول: لعل ولعل إما أن يعلم بما يلقيه الله في نفسه مما عنده من علم في تأويل الرؤى وإلا فلا يتكلم إطلاقاً، ويقول: الله أعلم.